الحمد لله الذي شرف هذه الأمة بخاتم رسله وآخر كتبه، كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

حاول أحد الأقزام أن يطعن في كتاب أمة الإسلام من باب رمتني بدائها
وانسلت، وكأن الرجل المتيقن من زجاجية بيته يرمي أصحاب القصور العالية علو
السماء بالحجارة، فيا عجبا، ولكن والله لقد سلى الله نبيه - صلى الله
عليه وسلم - بكلمات من نور حتى لا يحزن قلبه من مثل هذه الافتراءات
ومحاولة الإلحاد في آيات الله فقال تعالى عن بيشوي وأمثاله وهو أحكم
القائلين :

ِ{إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا
يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن
يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا
جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن
بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .
مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ
رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ . وَلَوْ جَعَلْنَاهُ
قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء
وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ
عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ . وَلَقَدْ آتَيْنَا
مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن
رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
} [فصلت:40-45].

وللجاهل بيشوي الذي يدعي بأن آيات من كتاب الله قد تم دسها في عهد عثمان
رضي الله عنه والذي يحاول أن يرضي غرور أعوانه ممن هم أجهل منه، هذه مراحل
تدوين وجمع القرآن في عهد رسول الله وفي عهد أبي بكر وفي عهد عثمان الذي
تريد أن تتمسح فيه والذي ثبت يقينا أنه ما جمع وإنما فقط نسخ المصحف
الثابت المتواتر والذي شهد له جميع الصحابة بتواتره وما جاء بجديد وإنما
أشهد الصحابة جميعهم على صحة النسخ وعدم وجود أي خطأ.

فلا أدري والله أكتاب الله القرآن هو ما يقال عنه هذا أم أسفارك المحرفة
يا صاحب نشيد الإنشاد ويا من شهد علماء ديانتك بثبوت تحريف كتابك وأنه ليس
كلام الله (إليك هذه الهدية يا بيشوي: محاضرة مترجمة لعالم اللاهوت
الأمريكي بارت إيرمان عميد كلية لاهوت يثبت علمياً تحريف الكتاب المقدس
وأنه ليس كلام الله)
وعلى من يريد التأكد خاصة من أتباع الكنيسة ماعليه فقط إلا أن يكتب بارت إيرمان على محركات البحث أو في اليوتيوب.

أما عن كتابنا نحن (القرآن الكريم) قرة العين ونور الفؤاد كلام الله فإليك
يا بيشوي بكل أدب أنت ومن تبعك مراحل تدوين وجمع القرآن لتعلم يقيناً أن
عثمان وعهد عثمان ليس له أي يد أو دخل في التدوين وإنما هو نسخ للمصحف
قامت عليه لجنة علمية وشهد عليها وراجعها الصحابة أجمعين فكان ما حدث هو
أن الله قيد جنده لحفظ كتابه مصداقاً لقوله : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].
هكذا جمع القرآن Alquraan
أولاً : تدوين القرآن في العهد النبوي:
شرَّف الله أمة الإسلام بخصيصة لم تكن لأحد غيرهم، وهي حفظهم لكتاب ربهم
عن ظهر قلب. وكان من أسباب حفظ الله لكتابه أن وفَّق هذه الأمة إلى حفظ
قرآنها واستظهاره.

وقد تظاهرت الأدلة من السنة على فضل حفظ القرآن واستظهاره. وكان صلى الله
عليه وسلم كثيراً ما يحث أصحابه على حفظ ما ينزل عليه من القرآن، فكان
الصحابة يحفظونه بسماعه منه صلى الله عليه وسلم، فهذه أم هشام رضي الله
عنها تروي كيف أنها حفظت سورة {ق} من رسول لله صلى الله عليه وسلم، فتقول:
"كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين، وما أخذتُ
{ق والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم" [رواه مسلم].

وكان من حرصه - صلى الله عليه وسلم - على تعليم صحابته للقرآن وحفظهم له
أنه كان يتعاهد كل من يلتحق بدار الإسلام فيدفعه إلى من يعلمه القرآن، فعن
عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قَدِمَ رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن" [رواه أحمد].

وقد حفظ القرآن الكريم جَمَعٌ من الصحابة يصعب حصرهم، عُرف منهم الخلفاء
الراشدون، وطلحة، وسعد، وابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري،
وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر، وغيرهم كثير.

وفي حديث قتادة قال: قلت لأنس من جَمَع القرآن على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال: "أربعة كلهم من الأنصار: أُبي بن كعب، ومعاذ، وزيد بن
ثابت، ورجل من الأنصار، يُكنى أبا زيد" [متفق عليه].

ومن الصحابيات اللاتي جمعن القرآن أم ورقة رضي الله عنها، وكان النبي صلى
الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤمَّ أهل دارها. والحديث في [مسند أحمد].

وكان من مزيد عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالقرآن أن
اعتنوا بكتابته وتدوينه، كي يكون ذلك حصناً ثانياً لحمايته من الضياع
والتغيير. فبعد أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بحفظ القرآن
في صدورهم طلب منهم حفظه في السطور، ونهى في بداية الأمر عن كتابة شيء غير
القرآن حتى لا يلتبس بغيره من الكلام.

ففي [صحيح مسلم] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه»
قال النووي في توجيه ذلك: وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن
ذلك أذن في الكتابة. وقال ابن حجر: إن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية
التباسه بغيره.

وقد بلغ من عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بتدوين القرآن أنه كان إذا
نزل عليه شيء من القرآن دعا أحد كُتَّابه، وأمره بكتابة ما نزل عليه، ففي
الحديث عن زيد - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى
عليه {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:95] فجاءه ابن أم مكتوم وهو يُمِلُّها عليه[متفق عليه].

وكان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعملون في كتابة القرآن ما
تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود
والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة، فعن البراء رضي الله
عنه قال: "لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ادعُ لي زيداً، وليجئ باللوح والدواة والكتف، ثم قال اكتب» [رواه البخاري].
وفي حديث زيد عندما أمره أبو بكر - رضي الله عنه بجمع القرآن - قال:
"فتتبعتُ القرآن أجمعه من العسب واللحاف والأضلاع والأقتاب" [رواه
البخاري]. والعسب: جريد النخيل، واللحاف: صفائح الحجارة، والأقتاب: الخشب
الذي يوضع على ظهر البعير.

هذه الآثار وغيرها تدلنا على عظيم بلاء الصحابة - رضي الله عنهم - في
كتابة القرآن، وما تحملوه من المشاق لتدوينه والحفاظ عليه. وبقي القرآن
مكتوباً على هذه الأشياء محفوظاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه، ولم يجمع في صحف أو مصاحف في عهده صلى الله عليه وسلم.

قال القسطلاني: وقد كان القرآن كله مكتوباً في عهده - صلى الله عليه وسلم -
غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور، وقُبض رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - وحال كتابة القرآن على ما ذكرنا.

ولسائل أن يسأل: لماذا لم يَجمع النبي - صلى الله عليه
وسلم - القرآن في مصحف واحد كما فعل أبو بكر وعثمان فيما بعد؟ وقد أجاب
العلماء أن مرد ذلك كان لاعتبارات عدة منها ما يأتي:


- أنه لم يوجد من دواعي كتابته مجموعاً في مصحف مثل واحد ما وجد على عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما.
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بصدد أن ينزل عليه من الوحي ما قد يكون ناسخاً لبعض آيات القرآن.
- أن القرآن لم ينزل جملة واحدة بل نزَّل مفرقاً، ولم يكن ترتيب الآيات
والسور على ترتيب النزول، ولو جُمِعَ القرآن في مصحف واحد وقتئذ لكان عرضة
للتغير المصاحف كلها كلما نزلت آية أو سورة.
ومن المسائل التي بحثها العلماء هنا مسألة ترتيب الآيات في السورة، ومسألة
ترتيب سور القرآن في المصحف، وحاصل القول في المسألة الأولى، أن الإجماع
منعقد على أن ترتيب الآيات في السورة كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه
وسلم، وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، ولم يُعلم مخالف لذلك، والنصوص
الدالة على ذلك كثيرة سبق أن ذكرنا بعضاً منها،

ونضيف هنا حديث ابن الزبير رضي الله عنه قال:"قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة {وَالَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً
لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ۚ فَإِنْ
خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ
مِنْ مَعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
} [البقرة:240] قد نسختها الآية الأخرى، فَلِمَ تكتبها، قال: يا ابن أخي، لا أغيِّرُ شيئاً منه في مكانه" [رواه البخاري].

أما ترتيب السور، فالقول الأرجح عند أهل العلم أن النبي صلى الله عليه
وسلم فوَّض أمره إلى أمته من بعده، يعني أن هذا الترتيب فعله الصحابة رضي
الله عنهم.

وبعد، فهذا جملة القول في مسألة جمع القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم،
ومنه يتبيَّن أن القرآن قد دُوِّن في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك
ردٌّ على من زعم أن القرآن لم يدون في عهده صلى الله عليه وسلم. نسأله
تعالى أن يجعلنا من الحافظين لكتابه والمحافظين عليه، والقائمين عليه حق
القيام آمين.
ثانياً : جمع القرآن في عهد أبي بكر
توفي النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم لم يُجمع في مصحف واحد
مكتوب، وإنما كان متفرقاً في الصدور والألواح ونحوها من وسائل الكتابة،
حيث لم تكن ثمة دواع في حياته صلى الله عليه وسلم استدعت جمع القرآن في
مصحف واحد.

وبعد أن تولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة كان هناك من الأسباب والبواعث،
التي دفعت الصحابة رضي الله عنهم إلى القيام بجمع القرآن في الصحف.

وكان من أولى تلك الدوافع لحوق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى،
الذي ترتب عليه انقطاع الوحي، فكان ذاك المصاب الجَلَل من البواعث المهمة
التي دفعت الصحابة لجمع القرآن.

ثم كانت واقعة اليمامة التي قُتل فيها عدد كبير من الصحابة، وكان من بينهم
عدد كبير من القراء، مما دفع عمر - رضي الله عنه -إلى أن يذهب إلى أبي
بكر ويطلب منه الإسراع في جمع القرآن وتدوينه، حتى لا يذهب القرآن بذهاب
حفاظه. وهذا الذي فعله أبو بكر رضي الله عنه، بعد أن تردد في البداية في
أن يعمل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن وقعة
اليمامة كانت من أهم الأحداث التي حملت الصحابة على تدوين القرآن، وحفظه
في المصاحف.

وقد دلت عامة الروايات على أن أول من أمر بجمع القرآن من الصحابة، أبو بكر
رضي الله عنه عن مشورة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن الذي قام بهذا
الجمع زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقد روى البخاري في [صحيحه] عن زيد رضي
الله عنه أنه قال: "أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر،

فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر -
يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن،
فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن،

قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله
صدري، ورأيت الذي رأى عمر.

قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا
نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن
فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به
من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح
الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف
والعُسب وصدور الرجال…

وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر" [رواه البخاري].

والذي عليه أكثر أهل العلم أن أولية أبي بكر رضي الله عنه في جمع القرآن
أولية خاصة، إذ قد كان للصحابة مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع
أبي بكر، إلا أن تلك الجهود كانت أعمالاً فردية،لم تظفر بما ظفر به مصحف
الصديق من دقة البحث والتحري، ومن الاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، ومن
بلوغها حد التواتر، والإجماع عليها من الصحابة، إلى غير ذلك من المزايا
التي كانت لمصحف الصديق رضي الله عنه.
ولك أن تسأل: لماذا وقع اختيار أبي بكر على زيد بن
ثابت لجمع القرآن الكريم دون غيره من الصحابة؟ وفي الإجابة نقول: إن مرد
ذلك يرجع إلى أسباب منها:


- أنه كان شاباً يافعاً، وهذه الصفات تؤهله للقيام بمثل هذا العمل الصعب.
- أن زيداً كان معروفاً بوفرة عقله، وهذا مما يؤهله لإتمام هذه المهمة.
- أن زيداً كان يلي كتابة الوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد شاهد من أحوال القرآن ما لم يشاهده غيره.
- أنه لم يكن متهماً في دينه، فقد كان معروفاً بشدة الورع والأمانة وكمال الخلق والاستقامة في الدين.
- أنه كان حافظاً للقرآن الكريم عن ظهر قلب، وكان حفظه في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم وفق العرضة الأخيرة، فقد رُوي أنه شهد العرضة الأخيرة
للقرآن،

قال أبو عبد الرحمن السلمي: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم في العام الذي توفاه الله فيه مرتين، وإنما سُميت هذه القراءة قراءة
زيد بن ثابت، لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه وشهد
العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمد عليه أبو بكر
وعمر في جمع القرآن، وولاه عثمان كتابة المصاحف.

وقد شرع زيد في جمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور
الرجال، وأشرف عليه وعاونه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة، فعن عروة
بن الزبير قال: لما استحرَّ القتل بالقراء يومئذ، فرِقَ أبو بكر على
القرآن أن يضيع - أي خاف عليه - فقال لعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت: اقعدا
على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. قال
ابن حجر: رجاله ثقات مع انقطاعه.

وبهذه المشاركة من الصحابة أخذ هذا الجمع للقرآن الصفة الإجماعية، حيث
اتفق عليه الصحابة، ونال قبولهم كافة، فجُمِعَ القرآن على أكمل وجه وأتمه.